منتديات فرى فرش
مرحبا بك ايها الزائر الكريم فى موقعنا انت غير مسجل فى المنتدى نرجو منك التسجيل اولا
منتديات فرى فرش
مرحبا بك ايها الزائر الكريم فى موقعنا انت غير مسجل فى المنتدى نرجو منك التسجيل اولا
منتديات فرى فرش
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.


منتديات فرى فرش
 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 الفأس الحاد

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
السعدني
Admin
السعدني


رقم العضوية : 1
عدد المساهمات : 305
تاريخ التسجيل : 14/10/2010
العمر : 35
الموقع : مصر/بنى سويف

الفأس الحاد Empty
مُساهمةموضوع: الفأس الحاد   الفأس الحاد Icon_minitimeالخميس أكتوبر 28, 2010 5:31 pm


لم ألمْ نفسي يوما لأنّني أضع مقاييس غاية في المثاليّة وأنا أرسم صورة الرّجل الذي يمكن أن تجمع وسادة بين رأسيْنا.
وحتّى حين فشلت لم أرضخْ، ولم أعترفْ بأني مسكونة بالغرور، وأني لا أستحق ذلك الحضور الذي يملؤني ، لا بل وجدت ذريعة لإحباطاتي، وشرعت أجوب رحاب العلاقات من حولي، ليزداد اليقين لديّ بأنّ في الأفق متّسع للسّعادة، وأنْ لا رهان، إلاّ على رجل يحتوي كلّ الأنوثة الّتي يفيض بها وجداني، رجل أتلاشى في حضوره لأكون الهواء الذي ينعش خلاياه، وأكون الدّفء الذي تتشرّبه مسامّه، واللّحن الذي يطرب على إيقاعه فؤاده .
ثمّ أنظر من حولي، فيرتدّ إلي حنيني كسيرا، ولا يداوي الكدمات التي يخلفها تصرّف إخوتي مع زوجاتهم، غير الانطواء ومزيد من الهلام الذي يغمر روحي حدّ الغرق .
وأعجب من قدرة رفيقاتي على مواراة الألم، وأنا ألامس عمق الأسى المتغلغل في أعينهنّ، وينبش فضولي داخل أرواحهنّ، فأقف على حقيقة ضعفهنّ، وحاجتهنّ لزوج يحتلّ حيّزه في البيت، رغم التّعاسة التي يفرضها وجوده، فأحمد الله على نعيم الوحدة ، وأحضن ذاتي كلّ ليلة في حنوّ،وأنام..
وجدت في أماني ـ زميلتي الجديدة ـ شبها كبيرا بي، و عرفت لاحقا أننا مولودتان في اليوم نفسه. جمعت بيننا طرائف لا ننساها ، حتى صار وجهها يشرق عند كلّ لقاء.عرفت أشياء كثيرة عنها فيّ،وفيها عنّي .غير أنّني كنت لا أحفل بمظهري، ربّما لغروري وإيماني بأن قوّة الباطن ستغلب على الظّاهر، وأنّ جمال الرّوح سيغطّي على كلّ النّقائص الّتي يعانيها الشّكل، وكانت آية في الأناقة، غاية في الاعتناء بمظهرها، تهتمّ كثيرا بما تمنحه العطور من سحر لأنوثتها، فلا تدّخر جهدا في اختيار الأغلى والأحدث من قائمة المنتجات.وغطّى كلّ ذلك على امتلاء عـدَّه البعضُ العيْبَ الوحيدَ فيها بينما رآه البعْض الآخر ميزة وحسنة .
أنا أيضا أحبّ الرّوائح الطيّبة، وأعشق الأناقة، ولكنّي لم أكن أستطيع أن أفعل مثلما تفعل.لم يكن راتبي ليسعفني بتأمين عيش كريم لأمّي وإخوتي حتّى أُعنى بما تذهب في اشتهائه نفسي .آخر ما كنت سأفكّر فيه، أن أقتنيَ عطرا بنصف راتبي أو حتّى بعشره .أوّل ما كان يشغلني تحقيق الاستقلالية في بيــت على ملكي.كنت قد صرفت على ذلك الحلم كل مدّخراتي وبعد لم يكتمل ، بعْد يشرع الحلْم فاه بشراهة ملْتهما في نهم شقاء العمْر، والكثير من عافية الجسد.ولست أدري إن كان اليوم الذي سأنعم فيه بالاستقرار في ذلك البيت سيأتي، أم أنّي سأوارى التّّراب قبل أن يظلّلني سقفه، أو تضمّني جدرانه، فتكون ضمّة القبر عن ذلك بديلا .
كانت قد وُلدت في فيلا نقلت لي صورا حيّة عنها على شاشة الحاسوب،بدءا بالدّرج، وصولا إلى الحمّام وغرف النّوم الّتي تشبه إلى حدّ بعيد الغرف بشقق المسلسلات التي تُبثّ على الفضائيات ،ولها غرفة لا يشاركها فيها أحد ،تجلس طويلا إلى الحاسوب أو إلى التلفاز دون أن يقطع خلوتها أحد . وينشف ريقي من أجل أن أتابع فلمًا شدّني عنوانه ويملؤني الشّعور بالقهر وأنا أراها تغيّر الحواسيب كما تغير قصة شعرها بينما لا أقدر على امتلاك واحد إلى الآن .
أعرف أنها موجودة في الباخرة خلال تلك السّفرة ولم أكن لأفوّت الفرصة في الحديث إليها في الأيام العادية،
فكيف إذ كان اليوم هو ذكرى ميلاد اثنتيْنا ؟
لم تحتفل لأنها وحيدة، ولأن توقيت العمل لا يتناسب مع مواعيد السّفرات. ولم أحتفل لأنّني بطبعي لا أفعل، وتقريبا لا أحد من حولي يذكر ذلك اليوم تحديدا،كلّ الأيّام تتشابه ،وكلّهم لا يهتمّون بأعياد ميلادهم فما أغناهم عن تكاليف الاهتمام بيوم لا يختلف في شيء عن غيره؟
أخبرتني أن خطيبها بانتظارها في الميناء وبأنه هيأ لإحياء المناسبة على طريقته .
سترافقه إلى حيث حجز مسبقا، رغم إلحاح أمّه بأن يكون الغداء عندها.
أخبرتني وشوشة أن مثل هذه المناسبة لا تحتمل إلاّ أن يكونا وحيدين.
و سمحت لخيالي أن يصنع هالة ضوئيّة ترفعهما إلى أرقى ما يمكن أن ينال المرء من سعادة واستدعيت كلّ اللّقطات الرّومانسية التي تجمع حبيبين، وسمحت أن أصلح كلّ العيوب التي يمكن أن تشوب المشهد. ضيّقت من ابتسامتها الواسعة، وجعلت من الشّعر الخفيف حزمة سميكة تبعثرها بوادر الرّبيع على كتفيها، وأدنيت قميصها ليغطيَ خصرها الممتلئ.
كنّا قد قطعنا نصف المسافة في البحر، فإذا هي تخرج من حقيبتها مرآتها، لتعيد تصفيف شعرها مرّات، وتعدّل ماكياجها، وتمسح زجاج نظّارتها الشّمسيّة، ثمّ تضعها وقد رسمت خطوط الابتسامة نفسهاعلى حدود شفتيها. رنّ هاتفها ففتحت الخطّ ووجدتها تقول بفرنسية متقنة في غنج:" أنت تعرف ما أريد تأكيدا...مفتاحان وموعد زفاف...ها ها ها ...."
استمرّت في الحديث إلى خطيبها وأنا أراقب هزّات رأسها ...سعادتها الطّافحة...غمزات تسلّلت إلي من خلف الزّجاج ...
نظرات شلّت تفكيري وأشعلت في نارا لا عهد لي بلظاها...كلّما تقدّم نحوي خطوة تراجعت محافظة على نفس المسافة ...قاومت بقوّة رغبة كادت تنفلت من بين أصابعي لتخلل شعرا فاحما غازلني بريقه ...قاومت رياحا بلا صوت تدفع بي بين ذراعيه وتشبّثت بالجدار خلفي حتى لا أتهاوى...كان يعرف ما لوسامته من سلطان قويّ على الإناث ولكنه لم يكن يريد غيري.أو لعلّ العناد فيه أحبّ أن يكسر شوكة كبريائي، ويصرع مقاومتي ليثبت أنه من سلالة آدم الأصل ، آدم الذي سارت إليه حوّاء ليلا نهارا بجنون الفقد بعد طردهما من الجنّة ، ومشى إليها نهارا برصانة من يعرف أنه سيهتدي إليها ، ونام ليلا خوفا من المجهول .انتصرت ولم أسمّ الذي يدفعني إليه حبّا . قلت إنّه العشق ، وعلي أن أتماسك .اكتفيت بتأمّله من بعيد،واستمتعت بالألم الذي تتجاوب ذبذباته فيّ فأترقـْرَق لتتلاطم الأمواج وتتكسّر على شاطئ عينيه وهما تحضنانني في هيام .كان حلما جميلا على صفا ماء عكّره والده لمّا اشترط أن أتنازل عن راتبي من اليوم الأوّل لارتباطنا. كان واثقا من سلطة وسامة ابنه، متشبّثا بحقّ نفوذ الأب على الولد .
طلب منّي مجاراة والده إلى آن نصير معا ولم أفعل.كدّست رماد الحرائق الّتي اضطرمت بداخلي وانسحبت والصّهد يحوّل ريش أجنحتي إلى هباءات تعبث بها الرّيح.
وصلني فيما بعد خبر انتحاره ورسالة متأخرة بالبريد يردّدُ فيها بأنه يحبّني...بقي صدى صوته يتجاوب في فضاء أخيلتي ...بقي تردّد أنفاسه يوقظني كلّ ليلة، تلاحِقُني الهواجس فأوغل في الهرب بلا رجاء .
لا بدّ أنّ السّاعات أو الدّقائق التي فصلت بين صرختيْ ولادتنا لحظة الخلاص هي الّتي صنعت الفارق وجعلت منها شخصا محظوظا يفوز بكل ما يمكن أن تهبه الدّنيا من فضائل وجعلت منّي أنثى معلّقة تؤرجحها الأحلام يمنة ويسرة ويعبث القدر بمصيرها فيقف بها على حافة انتظار سحيق ليس له قرار .
عصف بي الفضول والباخرة ترسو والميناء يدنو وتدنو معه غيمات الفرح على وجه أماني الحبّ .لم أكن أجد تفسيرا لرغبتي الجامحة في التقاط المشهد من قريب ورغم اجتهادي في إيهامها بعدم الاهـتمام شعرت بخيوط القلق التي غيّرت سحنتها...هل هي الغيرة على خطيبها ؟
وضحكت لتناسل الأفكار ،فمن الغارق في الغيرة حتّى النخاع ....؟ من يغار ممّن ..؟ أيعرف الغيرة مثلها ؟
لماذا ينعم البعض بالحياة دون عناء ولا متاعب في حين يشقى الآخرون بها، ولا يعرفون غير طعم المرار..؟
لماذا تأخذ أماني كلّ شيء دون عناء ويناضل الآخرون ولا ينالون شيئا ؟
سيطر علي شعور مقرف وحاولت التبرؤ من نفسي .أأكون على هذا المستوى من البشاعة والنّرجسيّة وأستمرّ في الانتصار لها ... ؟
من تأكله الغيرة منّا ...؟
لماذا أترك لهذا الغول أن ينهش فيّ ويحتسيَ دمي ؟
حاولت نفض كل الذي تلبّسني لحظات الهبوط على درج الباخرة وما إن وضعت قدميّ على اليابسة حتّى عاد إليّ بعض الرّشد فقرّرت صرف النظر عن مرافقتها أو ملاحقتها قصد التعرّف إلى خطيبها.
عند البوّابة لم أستطع تجنّبها وعرفت أنّها كانت بانتظاري كان يقف إلى جانبها بحجم طفل لا يرتفع كثيرا عن الأرض ومن خلال الزجاج بدت لي عيناه من الضّيق فلم أستطع أن أعرف إن كان ينظر إليّ أم إلى غيري.صافحته في ذهول ووقفت مشلولة الخطى.
سلّمها يده مبتسما في بلاهة، وقفت ساهمة ألوك فجيعتي،و أمسح بأصابع الدّهشة الأشبار التي تفصل بينهما ، أحاول ازدراد ضآلته . احتضنت أماني ذراعه، عدّلت سرعة خطاها على مشيته المتعثّرة ومضيا في حين وقفت أشيّعهما بنظرات مبهمة، ذاهلة عن كلّ ما حولي.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://3freet.yoo7.com
 
الفأس الحاد
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتديات فرى فرش :: المنتديات الادبية والثقافة والشعر :: قسم القصص والحكايات-
انتقل الى: