يوم أكل القط عشباً
كان يا ما كان، في قريب الزمان، وآخر العصر والأوان.
كان هنالك قط سمين بطيء كسول، لا يتحرك ولو قامت القيامة، وهذا ما جعل الفئران تلعب وتحوم في ذلك المنزل الريفي.
وفي يوم من الأيام قرر ذلك القط أنه يجب أن يغير وضعه الكسول ويصبح قطاً نشيطاً، ويمسك كل الفئران الموجودة في المنزل ويأكلها.
قام القط من نوم طويل، تنحنح وشد جسمه وطقطق عظامه، ثم قفز إلى مكان الفئران يلاحقها.
هربت كل الفئران إلا فأر واحد، ظل واقفاً مكانه ولم يتحرك، فاستفز منظره ذلك القط الذي هرع إليه واقترب منه مكشراً عن أنيابه ومحاولاً إفزاعه.
ضحك ذلك الفأر متهكماً وقال له: أليس من المعيب لنمر مثلك أن يحاول إخافة فأر ومن ثم يحاول أكله.
القط: ومن قال أنني نمر، أنا مجرد قط .
الفأر: لا لا يا عزيزي، ألم تنظر يوماً إلى نفسك في المرأة. أنت نمر يا عزيزي.
القط: لا أنا مجرد قط وسأقوم بالتهامك.
الفأر: حسن سأسألك سؤالاً، أليس النمر من القطط؟
القط : نعم
الفأر: إذاً فإن القط من النمور.
القط (وقد بدأ يزهو بنفسه، وبدأت الفكرة تعجبه): لكنني لا أشبه النمر.
الفأر: بلى، أنت نمر بكل معنى الكلمة. لذلك بعد اليوم عليك أن تدع الفئران بحالها، وسيكون من المعيب أن تأكل الفئران.
كانت الفئران البقية تسمع الحديث فاقتربت وصاحت معاً: عاش النمر … عاش النمر … عاش النمر.
القط: وماذا سآكل بعد اليوم.
الفأر: النمور تأكل الثيران.
القط: وأين سأجد الثيران.
الفأر: في الحظيرة القريبة.
مشى القط مزهواً بنفسه وسط هتاف الفئران (عاش النمر … عاش النمر … عاش النمر) متجهاً نحو الحظيرة.
وصل الحظيرة وفي أول محاولة ليعض الثيران والأبقار قامت الأبقار برفسه ونطحه ورميه كأنه كرة.
خرج القط من الحظيرة مكسراً مهشماً، وفكر قليلاً في أنه جائع. وتذكر أن النمور لا تأكل الفئران القميئة، وإنما تحظى بالثيران الناصحة
ومن يومها صار ذلك القط، عفواً ذلك النمر يأكل عشباً. لأن كرامة النمر لا تسمح بأكل الفئران، وقوة القط لا تسمح باصطياد الثيران.