تحول لاعب كرة القدم منذ سنوات إلي سلعة تباع وتشتري.. يتنافس عليها كبار الأندية وصغارها في بورصة كروية مرتين في كل موسم.. ويحاول كل ناد استثمار لاعبيه بأقصي درجة ممكنة وجني الأرباح بالعملات الصعبة والمحلية علي حد سواء.
هذا النوع من الاستثمار حديث العهد في أوروبا وله سياسة وجود لاعب خارج دائرة( البيع) وظهر في الألفية الثالثة.. وكان سببا في اقتراب أسعار اللاعبين لحاجز100 مليون يورو..
وفي مصر لا يزال مفهوم الاستثمار في لاعب خارج الخدمة ولا احد ينظر الي المستقبل او يملك القدرة علي قراءة المعطيات الأبرز مثل مدة التعاقد.. حجم الإنفاق.. عرض المتاح.. ما يأتي في المستقبل من مخاطر؟
والأيام الماضية شهدت ارتباط الاهلي والزمالك ـ أكبر ناديين في مصرـ بحلقة جديدة من حلقات ـ عروض احترافية ـ لشراء نجومهما.
وجرت مفاوضات مباشرة بدون وسطاء وكالعادة خلت فكرة الاستثمار في لاعب الكرة من ادارة المسئولين في الاهلي والزمالك للمفاوضات.
التفكير في رقم مالي مبالغ فيه بدون النظر لمعطيات اللاعب المطلوب كانت السمة الأبرز في المفاوضات..
الحالة الأولي كانت مع محمود عبد الرازق شيكابالا صانع العاب الزمالك الذي جري التفاوض بين مجلس ادارته المعين برئاسة المستشار جلال ابراهيم ومسئولي ستاندرليج البلجيكي من اجل رحيله للأخير في يناير المقبل عند فتح باب الانتقالات الشتوية وهي مفاوضات اعلن عن تعثرها لضعف المقابل المالي المعروض من النادي البلجيكي ووصل الي2,5 مليون يورو مقابل5 ملايين يورو حددها جلال ابراهيم كحد ادني لرحيل شيكابالا عن صفوف الزمالك ورفض التنازل عنها..
وبعيدا عما طلبه الزمالك.. يعد ما تقدم به النادي البلجيكي من مقابل مالي عرضا مناسبا وفقا للارقام الرسمية المتداولة حول عقد شيكابالا.. ستاندرليج قدم للزمالك2,5 مليون يورو اي ما يعادل20 مليون جنيه لشراء شيكابالا في حين تؤكد الارقام الرسمية ان تكلفة وجود شيكابالا في الزمالك منذ ارتدائه القميص الابيض في فبراير2007 قادما من باوك سالونيك اليوناني وإلي الآن تقدر بـ12,5 مليون جنيه وهي عبارة عن990 ألف يورو8 ملايين جنيه سددها الزمالك لباوك وفقا لقرار المحكمة الرياضية الدولية بالاضافة الي4 ملايين ونصف المليون جنيه القيمة المالية الاجمالية لتعاقد شيكابالا مع الزمالك منذ فبراير2007 وإلي يونيو2001 أي بنهاية الموسم الحالي.
ويمنح عرض ستاندرليج البلجيكي الزمالك عائدا ماليا يصل الي7 ملايين ونصف المليون جنيه مكسبا من استثمار شيكابالا كلاعب كرة تخطي الرابعة والعشرين من عمره..
وبالنظر إلي مطالب الزمالك في الحصول علي5 ملايين يورو أي نحو40 مليون جنيه فهو طلب مالي يرتبط في المقام الأول بمدي مصداقية احتفاظ المجلس المعين بالعقد الجديد الذي وقع عليه شيكابالا ويقضي باستمراره في الزمالك لـ4 مواسم مقبلة ينال خلالها26 مليون جنيه.. فالعقد يتيح هنا للزمالك تحديد ما يراه ملائما له في ظل امتلاكه خدمات اللاعب لـ4 مواسم.. ولكن اذا صدقت الروايات الخاصة باختفاء العقد الجديد لشيكابالا وبالتالي احقيته في الرحيل من الفريق في يناير2012 فالأفضل للزمالك الموافقة علي بيع شيكابالا مقابل20 مليون جنيه منها أرباح مالية تصل إلي7 ملايين ونصف المليون جنيه.
الحالة الثانية جرت في نفس التوقيت مع احمد فتحي لاعب وسط الاهلي الذي طلب ستاندر ليج شراءه هو الآخر.. وأعلن رسميا من جانب ادارة الاهلي انه لم يجر الاقتراب من اي تفاصيل مالية والانتظار لما بعد عودة اللاعب من النيجر برفقة المنتخب الوطني.
والحقيقة أن السبب الأول في التأجيل هو عدم قبول مسئولي الأهلي للمقابل المالي المطروح في أحمد فتحي ويقدر بـ500 ألف يورو, ما يعادل4 ملايين جنيه.. وتم التكتم في الوقت نفسه علي الرقم المالي... العائد هنا4 ملايين جنيه ويراه الكثيرون ضئيلا في ظل تكبد الأهلي7 ملايين لشراء اللاعب من شيفيلد يونايتد الانجليزي في خريف عام2007 بالاضافة الي حصول احمد فتحي علي نحو6 ملايين جنيه خلال4 مواسم ارتدي فيها قميص الفريق بإجمالي13 مليونا.
وهنا حقيقة مهمة وهي انتهاء تعاقد احمد فتحي مع الاهلي بنهاية الموسم الحالي واحقيته في التوقيع لأي ناد في يناير المقبل.
وفي حال رفض احمد فتحي26 سنة التجديد يكون الاهلي قد خسر استثمارا يقدر بـ13 مليون جنيه واستفاد فقط فنيا من وجود اللاعب كأحد ركائزه المميزة التي ساهمت في احراز أكثر من8 بطولات في المواسم الثلاثة الماضية.
والأهلي لديه نقطة سوداء في ملف احمد فتحي تتمثل في تجاهل طلب وست هام شراء اللاعب وطرحه1,5 مليون جنيه استرليني اي ما يصل الي14 مليون جنيه ويحقق من خلالها عائدا ماليا يتضمن ارباحا تصل لـ3 ملايين جنيه مع توفير الدفعة الاولي من مستحقات احمد فتحي المالية عن الموسم الحالي.. وفي حال تجديد عقد اللاعب لفترة جديدة سيكون الاهلي مطالبا بعدم الاستغناء عن خدماته لأي ناد أوروبي بأقل من25 مليون جنيه وهو رقم ضخم ومغالي فيه بالنظر الي اقتراب فتحي من دخول آخر المراحل السنية لفرص احتراف اللاعبين في الخارج وعدم كونه هدافا أو صانع ألعاب وكلاهما فئة اللاعبين أصحاب الأرقام المالية الضخمة.
الزمالك له سقطات أخري في مفاهيم تسويق اللاعبين في أوروبا وتحقيق ارباح مالية ضخمة عندما تعامل مسئوله بتعال ومبالغة في ظاهرة تألق عمرو زكي مع ويجان اتلتيك الانجليزي موسم2009/2008 برفض عرض ويجان لشرائه في ديسمبر2008 مقابل6 ملايين جنيه استرليني اي ما يعادل60 مليون جنيه في ذلك الوقت واشترط ممدوح عباس ومن بعده الدكتور محمد عامر رقم الـ12 مليون جنيه استرليني لرحيل زكي في ذلك الوقت.
وقتها لو وافق الزمالك علي عرض ويجان كان سيحصل علي60 مليون جنيه تضاف الي15 مليون جنيه نظير إعارة اللاعب لمدة موسم بإجمالي75 مليون جنيه.. مقابل11 مليون جنيه تكلفة شراء اللاعب من لوكوموتيف موسكو الروسي في صيف عام2006 تضاف لها3 ملايين جنيه حصل عليها اللاعب في موسمين ارتدي خلالهما قميص الزمالك بين عامي2008/2006 ووقتها كانت أرباح الزمالك عن استثمار عمرو زكي تقدر بـ61 مليون جنيه.. مكسبا صافيا فقط.. لكن المبالغة أضاعت هذا العائد يضاف الي ذلك فشل اللاعب في استكمال نجاح مشواره في ويجان ومن بعده هال سيتي ليعود الي الزمالك بعقد مالي لمدة3 مواسم يقضي بحصوله علي15 مليون جنيه بواقع5 ملايين جنيه سنويا.
المثير أن هناك مسئولا في الزمالك برر العقد الكبير لعمرو زكي بضخه في خزينة الزمالك25 مليون جنيه ما بين إعارة لويجان ثم هال سيتي.. في حين ان الزمالك سيكون قد سدد عند نهاية عقد زكي نحو29 مليون جنيه ما بين مستحقات مالية للمهاجم وتكلفة شرائه من لوكوموتيف موسكو الروسي.
ولا يخلو الأهلي بدوره عن سقطات تاريخية في هذا المجال ولديه تجارب مثيرة فقد من خلالها النادي أرقاما مالية ضخمة كانت في متناول يديه.
أبرز التجارب علي الإطلاق بطلها عصام الحضري حارس مرمي الزمالك حاليا والأهلي في الفترة بين عامي1996 و2008..
الأهلي لديه حاليا حكم من المحكمة الرياضية الدولية يقضي بالحصول علي تعويض قدره800 ألف دولار أي4 ملايين جنيه من الحضري وإدارة نادي إف. سي سيون السويسري.
وجري تفعيله بعد رفض المحكمة الفيدرالية السويسرية طعن الحضري وهو تعويض يحصل عليه الأهلي ولن يجدي نفعا مع خسائره المالية الضخمة عند إدارته ملف أزمة الحارس الأفضل في مصر وإفريقيا.
وتبدأ فصول الملف عندما رفض الأهلي احتراف عصام الحضري في سيون السويسري مقابل500 ألف يورو4 ملايين جنيه في فبراير2008 ليرفض الحضري البقاء ويترك الأهلي ويتعاقد من طرف واحد مع سيون.
الأهلي خسر هنا4 ملايين جنيه بالإضافة إلي فرصة استعادة الحارس الذي لا يزال الأفضل في مصر وإفريقيا قبل وبعد هروبه خاصة أن الحضري لم يستكمل مشوار الاحتراف وعاد بعد أقل من18 شهرا في ظل تطبيق مبادئ الأهلي بمنع التعاقد معه مرة أخري عقابا علي الرحيل.
وقبل بداية الموسم الحالي جري الاستغناء المجاني عن الأنجولي الدولي جيلبرتو سيبستاو الظهير الأيسر من أجل قيد المهاجم اللبناني محمد غدار.. وهو استغناء أدي إلي خسارة الأهلي لرقم مالي مخيف يتخطي الـ20 مليون جنيه ما بين مستحقات مالية وتكلفة شراء اللاعب من بترو اتليتكو الأنجولي عام2002 أي قبل8 أعوام..
لكن الخسارة المالية المباشرة هنا تتمثل في3 ملايين جنيه رفضها الأهلي لعرض مالي لبيع جيلبرتو لأحد الأندية البرتغالية في يناير2010 ثم الموافقة علي رحيله مجانا.. بل ان الأهلي أهمل عرضا آخر وهو إمكانية ربط رحيله إلي ليرس البلجيكي بالتعاقد مع دودي الجباس هداف المصري البورسعيدي السابق الذي يلعب في النادي البلجيكي كلاعب بديل.. في صفقة مبادلة خاصة أن الأهلي كان في حاجة إلي مهاجم.. والجباس حاليا أحد الأسماء التي يجري التفاوض معها من أجل ضمه مستقبلا إلي الأهلي.